دخلت الحرب الصهيونية على غزة أسبوعها الثالث، مع غياب أي أفق لحل الأزمة الإنسانية التي يعاني منها سكان القطاع، الذين يسقطون بالمئات يوميا، وهو الواقع الذي لم يغير نظرة الإعلام الغربي للنزاع، حيث يبقى متمسكا بدعم الرواية الصهيونية، وجعل دولة الاحتلال هي الضحية، مع العمل على شيطنة حركة المقاومة الإسلامية حماس، وإبرازها كالمسبب الرئيسي لصراع، وهي الرواية التي ساهمت عدة وجوه عربية وغربية استضافتها تلك القنوات في إسقاطها، فقط بنقل حقيقة ما يجري على الأرض.
رغم أنه كان إلى وقت قريب، يظهر نفسه كـ”مدرسة” في الإنسانية والضمير، خلال معالجته للأزمة الأوكرانية، عبر تسليطه الضوء على معاناة الأوكرانيين من الغزو الروسي، وتضخيم أي عملية يسقط فيها عدد صغير من الضحايا وجعلها نكسة للإنسانية، إلا أن عورة الإعلام الغربي انكشفت، وبانت حقيقته منذ انفجار المواجهات بين المقاومة الفلسطينية، والاحتلال الصهيوني، حيث فضل بيع ضميره والتخندق، مع الصهاينة ضد مليوني فلسطيني أعزل، دمرتهم القنابل التي تلقيها طائرات الكيان على قطاع غزة.
رواية جعلت كل تصريحات القادة الصهاينة فوق التشكيك، حتى لو اتضح زيفها، على غرار قصة “الأطفال مقطوعي الرؤوس” وكذا “حوادث الاغتصاب” بالإضافة لقتل مواطنين إسرائيليين كانوا يحضرون حفلا، وهي التهم التي وجهت للمقاومة الإسلامية “حماس” زورا وبهتانا، لغرض واحد وهو تشويه صورتهم أمام الرأي العام الغربي، بعد فشل تلك الأبواق الإعلامية في تقديم صورة واحدة لأي من هؤلاء الضحايا.
“هل تدين حماس”.. السؤال السحري في كل القنوات
شكل سؤال “هل تدين حماس على ما ارتكبته يوم 7 أكتوبر” سؤالا موحدا للإعلام الغربي، لكافة ضيوفه من الطرفين، في محاولة بائسة لمحاولة مقدمي النشرات والبرامج السياسية في القنوات الغربية إحراج أي شخص يملك أدنى تعاطف مع القضية الفلسطينية، خصوصا وأن السؤال طبعا يتضمن اعتبار حماس “منظمة إرهابية”، وهو ما يجعل المحاورين في موضع صعب إما مساندة الإرهاب حسب الرواية الغربية أو إدانته وتبيان أن حماس هي الطرف المخطئ.
إلا أن هذا الاختبار لم ينجح مع الجميع، حيث أعطى بعض ضيوف تلك القنوات دروسا لمنشطيها وجعلوهم يظهرون كـ”مبتدئين”، بعد تأكيدهم على أن ما قامت به حماس كان ليفعله أي شعب تعرض للسجن لمدة 17 عاما، عبر حصار صهيوني أعمى، جعل قطاع غزة أكبر سجن مفتوح في العالم، الرد الذي أبكم كبار مذيعي القنوات الغربية.
شخصيات عربية وأجنبية أسقطت قناع الإعلام الغربي أمام مشاهديه
السفير الفلسطيني ببريطانيا، المذيع المصري باسم يوسف، الناشط السياسي البريطاني محمد حجاب، أسماء ضربت بالثقيل الرواية الغربية، في عقر دارها ومن أهمهما القنوات الغربية التي كشفت الانحياز الواضح والفاضح لبرامجها تجاه الصهاينة ودعمها لهم، مع التحول في بعض الأحيان إلى أبواق دعائية، وهو ما قام به السفير الفلسطيني في لندن، حين شرح جذور الصراع الحقيقية أمام الرأي العام البريطاني، وأكد أن لب القضية هو استمرار الاحتلال، وأن المقاومة هي مجرد رد فعل.
باسم يوسف هو الآخر، الذي دخل التاريخ مع المذيع البريطاني الشهير بيرس مورغان، بعد أن أصبحت الحلقة التي استضافه فيها أكثر حلقة تتم مشاهدتها بأكثر من 15 مليون مشاهدة في أقل من يومين، بين فيها باسم يوسف بطريق ساخرة أن ما يقوم به الصهاينة في غزة ليس ردة فعل ضد حماس، خصوصا وأنهم يقتلون العشرات في الضفة الغربية رغم أن حماس غير موجودة بها.
صراع حقيقي بين الإعلام الغربي ومواقع التواصل الاجتماعي
وجد الإعلام الغربي خلال المواجهة الحالية بين آلة القتل الصهيونية، والمقاومة في غزة، نفسه ليس في مواجهة تحدي إقناع الرأي العام الغربي فقط بما يقوله، بل أيضا في مواجهة رواية حقيقية تنقلها مواقع التواصل الاجتماعي، تتعارض كليا ما ينقله هو، رغم موجة التعتيم التي قامت بها تلك المواقع، وحذفها لعشرات آلاف المنشورات الداعمة للقضية الفلسطينية.
وفي الوقت الذي كان المجتمع الغربي ينتظر رؤية أربعين طفلا مقطوعي الرأس، أو حالات اغتصاب لنساء إسرائيليات، وجد نفسه يشاهد صورا لمئات أطفال غزة الذين استشهدوا في القصف، مع فيديوهات لضرب مدارس وأماكن عبادة وحتى مستشفيات، بالإضافة إلى إسرائيليات ينوهن بالمعاملة الإنسانية لجنود حركة حماس، الأمر الذي صعب من عمل قنوات “الصهينة” خصوصا في الميدان، حيث كانت الهتافات الرافضة لما ينشرونه تلاحقهم في كل تغطياتهم.
دكاترة جامعيون.. الإعلام الغربي يسقط بغزة
وتفاعلا مع الموضوع قالت الدكتورة في كلية الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر 3، نصيرة وهاب، في تصريح لـ”الإخبارية”، إن للإعلام دورا مهما في دعم القضايا العادلة بالعالم وفي المقدمة القضية الفلسطينية وكذا كشف الحقائق التي يعمل الإعلام الصهيوني والغربي على تزييفها في ظل التطور التكنولوجي والتغطية اللحظية لكل ما يحدث هذه الأيام من مجازر في حق الشعب الفلسطيني الأعزل.
وأضافت وهاب أنه في الوقت الذي يقتل فيه الشعب الفلسطيني بأبشع الطرق والتنكيل نرى كثيرا من وسائل الإعلام بالدول الغربية تحجب مجازر الكيان الصهيوني ولا تكشف عن جريمة ارتكبها، ولا توجه إليه حتى مجرد لوم وعتاب على القتل والظلم والخراب.
وشددت وهاب أن تغطية الإعلام الغربي للعدوان الصهيوني على غزة تضمّنت كمّا هائلا من المعلومات المتناقضة والمضللة والمفبركة، وذلك رغم ادعائه انتهاجه لمعايير النزاهة والموضوعية والحيادية، كما أن تغطيته لهذا العدوان أظهر انحيازا واضحا في التعامل مع مجرياته، انتقائية في نشر ما يخدم توجهات القائمين عليه، واستبعاد أي آراء تحاول عرض الأمر من وجهة النظر الأخرى.
من جهتها أشارت زميلتها في الكلية، سعيدة عزوز، لـ”الإخبارية”، أن التعامل الإعلامي الغربي مع مجازر الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني بقطاع غزة وتحامله على المقاومة، أكد أن الإعلام يمكن أن يلعب دورا مدمرا للصورة الذهنية، وأنه قد يكون سلاحا فعالا يمكن توظيفه لقلب موازين القوى، وهو بذلك يتجاوز دوره التقليدي ولعل استناد الإعلام الغربي إلى غير الحقيقة وتزييفهاـ تضيف ـ ضرب حياديته بشكل تام وفي هذا تجاوز لقواعد وأصول العمل الإعلامي الذي يفترض أن ينحاز دوما إلى الحقيقة.
وتابعت عزوز بالإشارة إلى أنه لم تبق الأمور في هذا الإطار بل شهدت التغطية الإعلامية للدول الغربية لاستهداف المحتل الصهيوني لمستشفى المعمداني في قطاع غزة وقطع المرافق والخدمات من المياه والغذاء والكهرباء عن القطاع بالكامل، كثيرا من زلات اللسان التي كشفت كما كبيرا من الزيف والابتعاد عن الحيادية وغياب الموضوعية وانعدام المهنية.
وختمت المتحدثة كلامها فيما يخص استضافة مصر أمس السبت قمة القاهرة للسلام التي دعا لها الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، وشارك فيها عدد من قادة دول العالم وسط رفض الجزائر المشاركة فيها، من أجل بحث القضية الفلسطينية والعدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة، متسائلة: “أي سلام بعد آلاف القتلى من الأطفال والنساء والآلاف من الجرحى وهدم بيوتهم؟ أي سلام وسجونهم مكتظة من الرجال والنساء وحتى الأطفال؟”.
@ بلال.ت/ سفيان. س
#غزة. #حين #يغتال #الإعلام #الغربي #الحقيقة
#oussama_b #elhiwardz #alakhibariat.xyz #elhiwar #elhiwar-en # الحوار_الجزائرية # مصطفي_بونيف