يعتقد خبراء ومحللون سياسيون أن دعوة الجزائر إلى الإسراع في تشكيل قوة عسكرية إفريقية وتجهيزها توكل لها مهام إحلال السلام وحل النزاعات في القارة السمراء مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالمساعي القائمة لوضع حد للتدخلات الأجنبية والتواجد العسكري الذي لم تكن له أية نتائج إيجابية في مكافحة الإرهاب فالدول الإفريقية هي من تكفلت بنفسها في معالجة المشاكل الأمنية بما في ذلك مكافحة الجماعات الإرهابية كما هو الوضع في مالي وبوركينافسو.
وكما هو معلوم فإن القوة الإفريقية الجاهزة هيكل تم الاتفاق على إنشائه بمناسبة مؤتمر رؤساء الدول والحكومات في دوربان جنوب إفريقيا، في جويلية 2002، واعتمدت من بين أمور أخرى، البروتوكول المؤسس لمجلس السلم والأمن، وتتكون هذه القوة من فرق جاهزة متعددة الأفرع تضم عناصر مدنية وعسكرية في بلدانها الأصلية وتكون مستعدة للانتشار السريع عند إشعار ملائم.
ومن يقرأ كلمة الرئيس عبد المجيد تبون، في الاجتماع السنوي السادس بين الاتحاد الإفريقي والمجموعات الاقتصادية الإقليمية والآليات الإقليمية، المنعقد، أمس الأول، في العاصمة الغانية أكرا (ألقاها بالإنابة الوزير الأول نذير العرباوي) يدرك حسب الباحث في الشؤون الأمنية عمار سيغة أن “إثارة الموضوع من طرف الرئيس تبون لم يأت من فراغ لا يكتسي طابعا اعلاميا في محتواه”.
وقال المتحدث في تصريح لـ “الجزائر الجديدة” إنه “جاء نتيجة قناعات وتراكمات سنوات من النزاعات المتواصلة في القارة الإفريقية والتي من بين أسبابها التدخل الأجنبي”، ويشير المتحدث إلى أن “طرح الجزائر لفكرة التأسيس لقوة إفريقية مشتركة للتدخل الإنساني من شأنه أن يغلق منافذ استمرار التأثير الدولي في مصير القارة السمراء ويحد من كل أشكال الدخل الخارجي سواء كان العسكري أو الإنساني والذي ساهم في الكثير من حالات النزاع والحروب التي طال أمدها وزرع المزيد من التفرقة وعدم التوافق بين أطراف النزاع ورهن أيضًا كل طموحات أبناء القارة في استباب الأمن والسلم الإفريقي.
ويعتقد عمار سيغة أن “هذه القوة سترفع من مستويات الإحساس بالمسؤولية المشترك لدول القارة ويوحد كل المواقف والقرارات لا سيما في ظل الانقسام الحاصل في المنظومة الدولية إزاء الصراع القائم في أوكرانيا أو في الشرق الأوسط، كما سيقوي الجبهة الأمنية ويدعم سياسات الدفاع المشتركة ومن شأنه أن يعزز التنسيق الأمني والاستخباراتي الإفريقي _ الإفريقي”.
ويرى المتحدث أن هذا “المشروع سيكون بديلا حقيقيًا عن سياسات القوى المتصارعة على المصالح الاقتصادية وسياسات الهيمنة والنفوذ لا سيما وأن القارة تعيش اليوم ظروفًا جد استثنائية في ظل تراجع مستويات النفوذ التقليدي الأوروبي والغربي وانعتاقها من التبعية التقليدية للدول التي كانت مهيمنة على الفضاء الإفريقي”.
لكن قد تعترضه عراقيل وصعوبات في ظل الظروف القاهرة التي تعيشها بعض دول القارة من انقلابات وسيطرة النخب العسكرية على زمام السلطة وتقويض الحكم المدني فيها، إضافة إلى اختلاف واضح في مواضيع الاستقرار السياسي بين بعض الدول بعد تراجع تلك النخب عن العمل باتفاقيات تم توقيعها للحد من النزاع وتوقيف الحروب الدائرة ولعل أهمها إعلان المجلس العسكري المالي تعليق العمل باتفاق الجزائر للسلم والمصالحة في مالي ناهيك عن بعض الخلافات القائمة بين دول القارة منها ملف الصحراء الغربية وملف سد النهضة بين أديس أبابا والقائمة تطول من أمثلة الخلافات المتعددة بين دول القارة الإفريقية”.
وقد أقر التقرير الصادر عن الدورة العادية الثالثة عشر للاتحاد الإفريقي المنعقدة بشرم الشيخ، جمهورية مصر العربية، بأن اعتماد خارطة طريق القوة الإفريقية الجاهزة تم إحراز تقدم ملحوظ في مجال إعداد وثائق السياسة وبذلت المجموعات الاقتصادية الإقليمية والآليات الإقليمية جهودًا عن طريق إنشاء أولويتها، غير أنه تم الاعتراف بأن سير العمل لم يكن بالسرعة المطلوبة ولم يكن تشكيل الأولوية الإقليمية يسير بنفس الوتيرة نظرًا لنقص الإرادة السياسية في بعض الأحيان وبسبب تعدد الثقافات والبيئات السياسية والاقتصادية.
واستدل التقرير ببعض التحديات التي واجهتها المفوضية على غرار نقص الموارد البشرية نظرا لأن قسم عمليات دعم السلام قد بدأ في الحصول على العاملين الأوليين في يوليو 2005 ومارس 2007، ومن التحديات الإضافية أنه في الوقت الذي تبذل فيه القارة جهودا لوضع اللبنات الأساسية للهندسة القارية للسلم والأمن فإن على المفوضية أن تشرف على عمليات دعم السلام في الوقت نفسه.
فؤاد ق
#مقترح #أمني #جزائري #لمواجهة #التدخلات #الأجنبية #في #إفريقيا