قدر ما يحمل الاستعراض العسكري المُرتقب، غدًا الجًمعة، بمُناسبة الاحتفالات الوطنية الرسمية المُخلدة للذكرى 70 لاندلاع ثورة أول نوفمبر 1954 الخالدة أبعادًا احتفالية تخلدُ المناسبة الثورية، فإنه يحمل في طياته رسائل جزائرية واضحة للداخل والخارج، من بينها جاهزية البلاد للرد على أي مساس بأمنها القومي والحيوي.
ويعتبر الاستعراض العسكري المرتقب الثالث من نوعه منذ أول استعراض شهدته البلاد في عيد الثورة الجزائرية في نوفمبر 1989 والاستعراض العسكري الذي أشرف عليه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى الستين لاسترجاع السيادة الوطنية وكان هذا في 5 جويلية 2022 والذي جاء بعد متغيرات بارزة عرفها العمق الجزائري بعد الحراك الشعبي الذي شهدته البلاد في 22 فيفري 2019.
ويعطى لهذا الاستعراض أبعادًا داخلية وأخرى خارجية، فهو يأتي بعد استكمال كبرى الاستحقاقات الانتخابية كما أنه يأتي في ظل سياق خارجي وإقليمي متوتر، يتطلب استعراض كل ما تحوز عليه البلاد من ترسانة مسلحة وجيش قوي ومنظم، لا سيما مع تفاقم التوتر مع المغرب وفي ظل التحديات الصعبة التي تواجهها البلاد على الجنوب.
ويقول البروفيسور نور الصباح عكنوش، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة بسكرة في تصريح لـ “الجزائر الجديدة” إن “هذا الاستعراض العسكري يُعتبر من التقاليد الراسخة الجيش الوطني الشعبي وهو على المستوى الرمزي يأتي بمناسبة ذكرى اول نوفمبر المجيدة وعلى المستوى الاتصالي على صعيد اطلاع الشعب على إمكانيات جيشه من خلال البعد الجماهيري للمؤسسة العسكرية وتقوية اواصر العلاقة بين الجيش والمجتمع دعما للجبهة الداخلية”.
أما على المستوى الاستراتيجي، فإنه سيبرز وحسب المحل السياسي “التطور الهيكلي والتكنولوجي الذي حققته المؤسسة العسكرية مما جعلها من اقوى مثيلاتها في العالم في ضوء التهديدات الجيو أمنية المحيطة بالإقليم من حيث التأكيد على الجاهزية البشرية والتقنية العالية لمواجهة كل التحديات الجديدة التي أصبحت مفتوحة متحركة وعابرة للحدود في عالم لا مكان فيه للجيوش الضعيفة وطمأنة حلفاء الجزائر بأنها قوة سلام وخير في المنطقة والعالم من جهة وعامل استقرار نسقي وبنيوي في خدمة قيم الأمن والتنمية من جهة أخرى”.
وسينظم الاستعراض العسكري على طول الطريق الوطني رقم 11 المُحاذي لجامع الجزائر، تحت إشراف الرئيس تبون مرفوقًا برئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة اللذان سيشرفان على تفتيش جميع المربعات المشاركة في هذا الحدث الاستثنائي، وتضم المربعات قوات البحرية والجوية والبرية والدفاع الجوي عن الإقليم والمشاة والحرس الجمهورية والدرك الوطني وغيرها من الفرق الموسيقية والخيالة التابعة للحرس الجمهوري إضافة إلى مربعات أخرى ترمز إلى المجاهدين وأشبال الأمة وقيادات القوات والمدارس العسكرية وأخيرا مربعات المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة للجمارك والحماية المدنية.
وإلى غاية اللحظة التقطت صور لأحدث الآليات العسكرية الضخمة التي تحوز عليها الجزائر من دبابات وحاملات صواريخ وطائرات قريبة من منطقة الاستعراض العسكري التي اختير لها أن تكون أمام الواجهة البحرية للمدينة بمحاذاة جامع الجزائر الأعظم، ومما التقط إلى غاية اللحظة صور لمنظومة الصواريخ الباليستية قصيرة المدى “اسنكندر” روسية الصنع، وهي المرة الأولى التي يظهر فيها إلى العلن هذا النظام الصاروخي بصور مكشوفة.
ويُعتبرُ صاروخ “إسكندر-E” من الصواريخ الباليستية التي تتميز بدقة عالية وسرعة فرط صوتية، يُضاهي مداه حوالي 500 كيلومتر، ما يساعده من استهداف مواقع استراتيجية كالبنية التحتية ومراكز القيادة ومنظومات الدفاع الجوي، ومن المميزات الأخرى التي تصعب اكتشافه واعتراضه تصميمه المتحرك والاطلاق السريع، ما يمنح قدرات ردعية عالية للجيش الجزائري. وتتمتع نسخة Iskander-E، التي دخلت الخدمة في الجزائر منذ عام 2018، بالقدرة على حمل أنواع مختلفة من الرؤوس الحربية غير النووية، ومن ضمنها الرؤوس الحربية شديدة الانفجار، والرؤوس الحربية المخترِقة.
ويأتي تعزيز القدرات العسكرية الجزائرية بصواريخ “إسكندر-E” في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات الإقليمية على كل حدود البلاد، لاسيما مع نظام المخزن الذي لم يعد يخفي تعاونه من الكيان الصهيوني في المسائل الدفاعية، وهو ما تراه الجزائر تهديدا مباشرا لأمنها القومي.
وفي إطار الاستعداد لمواجهة التهديدات المحيطة، أعلنت الحكومة في مشروع قانون المالية 2025، عن تخصيص ميزانية ضخمة لوزارة الدفاع تبلغ أكثر من 25 مليار دولار، بزيادة قدرها 3 مليارات عن ميزانية العام السابق، التي بلغت 22 مليار دولار. ويخصص المشروع الجديد جزءا كبيرا للنفقات التشغيلية للقوات المسلحة وللمعدات.
فؤاد ق
#في #سبعينية #الثورة. #الاستعراض #العسكري. #رسائل #للداخل #والخارج